الثلاثاء، 26 يناير 2010
من خلف العدسة خفايا ضوئية !
إن ماهية البعد الإنساني الإنساني في حياة الفوتوغرافي، تكتمل في توظيفه كبعد إنساني ضوئي بشكل أساسي؛ حيث يقتصر تعامل صانع الصورة الضوئية مع المواضيع المستهدفة من (إنسان – حيوان – جماد – نبات ) على الأسس الثلاث للقاعدة الذهبية الضوئية: ( مصور - آلة تصوير - الجسم المستهدف ) ، عند احتكاك " معايشة " المصور مع الواقع ( موقع التصوير ) بشكل يتناسب مع الثقافة العامة للمكان والبيئة المحيطة به ، من دون حواجز تفصله عن ذلك الواقع بين المصور من جهة والإنسان المستهدف داخل الكادر من جهة أخرى وآلة التصوير ،كعنصر حيوي ديناميكي متحول ، حيث تعمل من خلال التواصل مع الآخر ، نتيجة انعكاساتها ومحاولتها لترجمة أفكار المصور إلى كلمات ضوئية داخل كوادرها الملتقطة .
والإنسان المصور في تركيبته الإنسانية يتفاعل مع مكونات البنية الثقافية للمكان وللبيئة المحيطة بالجسم المستهدف, الأمر الذي يشكل تناغما في الأسس التي ترتكز عليها القاعدة الذهبية الضوئية, والتي تعكس نفسها في خصائص الثقافة التي يتم تجسيدها في العمل الضوئي, مما يعطي البعد الاجتماعي الثقافي الديناميكية التي تسمح بإعطاء المصور المساحة الكافية للتعامل بمرونة مع الثقافات الأخرى في صناعته للصورة الضوئية في ميادين التصوير المختلفة, ويمحور النهج السلوكي للمصور باعتماده على قيمه الثقافية, واستناده إلى أساليبه الضوئية:( التوثيق- تصوير الحياة في الشارع- البورتريه), الأمر الذي يعكس البعد الاجتماعي الضوئي
في محورين :
أولا العصبية الإثنية : والتي تتمثل في تعصب المصور لثقافته واعتبارها مرجعية ومنهجية تمنهج سير
العمل الضوئي في التعامل مع الثقافات الأخرى ،الأمر الذي يؤدي إلى تهميش الإنسان, و خلق كوادر غير حقيقية ومصطنعة بألوانها : إنسانها وموضعها ، جمالياتها وتكوينها ، وبتكامل تلك المخرجات وتفاعلها قد تؤدي إلى إنتاج صور ضوئية تبدو للوهلة الأولى عمل فني متميز ، لكنها تفتقد إلى جماليات الصورة الضوئية وبالتالي ’تشرذم الهوية الثقافية الضوئية للصورة الملتقطة .
ثانياً : النسبية الثقافية : وهي أن يشكل المصور الضوئي معالم وهوية الصورة الضوئية بعيدا عن العواطف الغرائزية, والمؤثرات البصرية الزائفة والزائلة، والتواصل مع المكان بكل ما يتعلق بإنسانه وميراثه الثقافي ، من منظور الثقافة التي يعكسها في صورته الضوئية ، مما يبلور صورة ضوئية ذات هوية فوتوغرافية تحوي مقوماتها اللغوية الجمالية الموضوعية والتكوينية معا، وهذا ما يجعل البعد الثقافي الاجتماعي الضوئي أقرب إلى الواقع, ويعكس نفسه من خلال الجزيئات المكونة لتركيبة الصورة الضوئية.
وتبقى بصمة فن صناعة الصورة الفوتوغرافية في سيرورة المجتمعات الإنسانية المعاصرة ،رائدة ومنفردة في نقل وتوثيق وقائع النهج السلوكي للإنسان في بنيته الاجتماعية بمختلف الفترات الزمنية المواكبة للحداثة كاستراتيجية لها أساليبها والياتها في بحثها المستمر عن الأبعاد الكامنة في تركيبة الثقافات التي تتجسد ملامحها وخصائصها في هيكلية الصورة الضوئية, والتي تعبر عن مكنوناتها من خلف العدسة لتبقي الحاضر الغائب للخفايا الضوئية .
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
بس لو اتغير الخط عشان نعرف نقرا
ردحذف